الأميرة جمالات - قصة قصيرة... بقلم محمد مهدي


الأميرة جمالات
'قصة قصيرة'
إعداد و تأليف : محمد مهدى "ُمهاب"

سنة 1930 أم مصرية زوجها متوفى سافرت على اسكندرية هى و بناتها تشتغل خدامة فى قصر من قصور البشوات الاتراك فى الأصل ، ابن الباشا عجبته الست ، فبالتالى كان بينهم علاقة فى السر و بعد مدة ما يُقارب السنة تحديدًا 1932 نََتج عن العلاقة دى ولد و اتسمى 'فريد' و الحقيقة انه فعلًا كان فريد ، طفل بجمال الأتراك وخفة دم و ملامح المصريين ، وكان وش السعد فيما بعد ، بن الباشا مارضاش يعترف بيه ، لكن أّمر كل اللى فى القصر يعاملوه على إنه من أهل القصر مش ابن الخدامة ، كبر 'فريد' و هو حابب كونه ابن باشا و امه كبَّرت الموضوع فى دماغه أكتر ، لما بقا عنده 13 سنه ابوه كان بيموت و حس بالذنب نحيته ف اعترف بيه و اداله اسمه كمان ، و أصبح من الورثة ، فبالتالى عيش امه و اخواته البنات فى مستوى مختلف تمامًا عن مجيتهم اسكندرية فى البداية.

'فريد' كان مهووس بالستات أصحاب النسب و الهوانم و حياتهم و عادتهم وعلى غير المعتاد إتمنى انه يخلف بنت تكون جميلة ف تتسمى 'جميلة' و بالفعل اتجوز 'فريد' من أميرة من معارف عيلتهم ، بس الهنا اللى كان بيخبط بابه من يوم ما اتولد ماخبطش المرادى ، بمعنى إن 'فريد' خلف ولد و لما حاول تانى خلف ولد تانى ، حاول لتالت مره لكن ربنا ما أرادش ان مراته تحمل ،'فريد' وش السعد و الهنا على أهله و نفسه ف بداية عمره بقا مكتئب و الحزن عرف طريقه ، فاتت سنين و هو بيكبر وبرضه اللى اتمناه ماتحققش من كتر الحزن تِعب جدًا ، حس بيأس ف كتب وصيتة و اهم بند فيها إن أول بنت من نسله تتسمى 'جميلة'.

للمره التالتة و بعد محاولات كتير مراته بقيت حامل ، فرح جدًا لدرجة إنه هيتعب و هيجيله القلب ! المرض هيشتد جامد عليه و هيلزم سريره فترة طويلة و فى أواخر لحظاته و مراته و أمه و اخواته حواليه هيبدأ يتلفظ بحروف 'جمي جما جم ...' وكون أمه ست ريفية تلقائى هتفتكر إن كان نفسه يسمى بنته اللى مخلفهاش 'جمالات' هيموت فريد و هتموت معاه فرحة البيت ، حتى مراته بعد ما خلفت طلع ولد تالت ف قعدت تقول حتى بنتك جمالات اللى كان نفسك فيها ماجبتهاش ، كبروا أولاد فريد و ماهتموش أوى بابوهم اللى مكنش بيديهم نفس اهتمام بنته اللى ماجتش ، بس الحظ بيعند مع المرحوم ! ولاده الاتنين خلفوا ولاد و الظاهر كدا مش مكتوباله .

سنه 1995 'محمد فريد' أخر العنقود اتجوز ، بعد سنتين خلف بنت حلوة جدًا و الكل اما شافها قالوا دى شبه جدها و غصبوا عليه انها تتسمى 'جمالات' زى ما كان عايز جدها ، و كبرت 'جمالات' و بتحلو كل يوم عن التانى لحد ما بقيت عروسة ، بس للأسف 18 سنه بتعانى من إسمها اللي مش متركب لا على شكلها ولا أصلها بنت الباشوات ! و طلبت من أبوها كتير إنه يغير
إسمها لكن ما بيده حيلة و كان رده" سامحينى يا بنتى دى وصيه ابويا " جمالات دخلت الجامعة و كالعادة محروجة من إسمها بس لقيت إن فيه ناس بتعاملها لشخصيتها مش لشكلها ولا حتى إسمها ، عقول ناضجة عن سنين عمرها اللى فاتت لكن هى برضه مش مبسوطه بإسمها ، رغم شكلها الجميل و ملامحها الأجنبية ماحبتش ولا ارتبطت من قبل عشان فى اعتقادها مافيش حد هيقبل يرتبط ببنت اسمها 'جمالات' ، لكن مش معقولة بنت فى جمالها و أصلها ماحدش يحبها !

'أحمد' زميلها فى الكلية راقى شوية بتفكيره و فطن جدًا شاف جمالات و على عكس رؤية الناس ليها مش مجرد بنت حلوة! شاف الحزن اللى فى عنيها و جاله فضول يعرفها و يعرف ليه بنت الباشوات دى مش مبسوطة فى حياتها، فبدأ يتعرف عليها ، و فهمها إن الإنسان مش بشكله ولا بإسمه ولا حتى لونه و جنسه ، و إن الإنسان بشخصيته و طبعه و أفكاره اللى بتنعكس على لسانه للناس ، كان بالنسبة ليها طوق نجاة، و حبوابعض جدًا و مابقتش بتتكسف من إسمها زى الأول و اكتسبت ثقة و بسمتها مرسومة ديمًا على وشها أبوها كان حزين أوى على بنته بسبب إسمها و إن مافيش بإيده حاجة ، لكن يبدو كدا ان الحظ هيخبط على باب عيلة المرحوم فريد تانى ، اخته فريد الكبيرة من حبها فيه كانت ديمًا تشيل حاجته و من ضمن الحاجات دى كانت الوصية اللى كاتبها بإيده قبل ما يموت ف طبعًا بسرعة اما لقيتها كلمت أبوها و قالت له "انت لازم تيجى دلوقتى حالا فى حاجه لازم تشوفها " طبعًا اتنفض من مكانه و جري عليها و أول شاف الوصية دمع من كتر الفرحة ! رجع البيت و قام حضن بنته و اداها الورقة ، قرأت جمالات الوصية و ماهتمش بحاجة فيها غير أول بند ، سكتت لحظة و علامات غريبة ظهرة على وشها و محدش عرف يفسرها لا هى حزن أو فرح كان إندهاش ، و بعد دقايق كدا ، ابتسمت جمالات و قالت لأبوها "يا بابا الانسان مش باسمه ولا شكله ولا لونه ولا جنسه ، الانسان بطبعه و شخصيته و أفكاره " و كملت لما ربنا يكرمنى و اخلف بنت هسميهاجميله زي ما جدو كان بيتمنى, لكن انا أسمي جمالات "الأميرة جمالات".



Comments

Popular posts from this blog

بعد ان تحترق العاصمة - عبدلله فؤاد محمود (قصة قصيرة)

Love is Truly a Strange thing.

روتين... بقلم يمنى فتحي