غريبة... بقلم يمنى فتحي [قصة قصيرة]

توقفوااا!”
كم كانت هذه الكلمة تتردد في أُمسياتي ، دائما ما أتخيل اللحظة التي سيأتي أحد وينتشلني مما أنا فيه ... ينتشلني من عذابي الذي أظن أنه صار أبدياً ... مجرد تخيل الكلمة يرسم البسمة على ثغري و يجعلني أنام مطمئنة .
و لكن إلى متى ... فقد سئمت الانتظار و تكاد روحي تنطفىء ماعدا بصيص ضئيل، و أظن أنه سيختفي قريباً و للأسف أنا لا أقدر على المقاومة ف المقاومة تزيد الموقف حِدَّة .
أنا ( إلينا ) انتقلت إلى مدرسة جديدة في منتصف الفصل الدراسي و بعد أن قَدمت نفسي اعتقدت أن عند جلوسي على مقعدي سيتحدث إليّ الكثير ف أنا معتادة أن أكون محبوبة و بؤرة الاهتمام لدى الكل، ف أنا الفتاة المتفوقة الجميلة الواثقة من نفسها، كم كنت متشوقة للصداقات الجديدة ، و لكن حصل ما لم اكن أتوقعه ... بدأت الفتيات يتهامسن و يضحكن و ينظرن إلىّ نظرات مريبة ، في البداية تغاضيت عن الأمر و اعتقدت انه نوع من الأهتمام، لكنه حقاّ كان كذلك ... أصبحت مركز حديث المدرسة كلها بين ليلة و ضحاها ! ، و أصبح الجميع يتجنبوني لماذا لا أعلم أنا حتى لم أتفوه بكلمة سيئة ! ، و لكن يا ليتهم توقفوا عند هذا الحد بل أصبحوا يختلقون إشاعات و ينشرونها في الأرجاء لم أعلم أنهم يكرهونني إلى هذا الحد ، فقد تخطوا هذه المرحلة و أصبحت اتعرض للضرب و الإهانة ، وإذا حاولتُ التفوه بكلمةٍ تمنعني كلمات لا أُطيق تحملها ! فقد كانت كلماتهم تؤلمني أكثر من أي شيء ، عموماً لا أحد يجرؤ على التصدي لهن ، ف هذا هو القانون إذا اخترن فريسة إما أن تشارك أو تصمتْ و إذا حاولتَ التصدي لهن أصبحت مشاركاً للفريسة ما يُصيبها .
هذا هو الأمر ، حياتي أصبحت جحيم لا يُطاق و أصبحتُ أعيش فيه كل يوم ، ما أنالُه كل يوم حزمة من الكدمات و خفوت ضوئي و هوان روحي ! لم أجد أحداً يساعدني حتى على تضميد جُروحي أو تشجيعي بمجرد كلمات ليس لها معنى ، لكني يئست من تمنى هذا ، في المساء عندما أنظر لنفسي أشعر أنني تم القضاء علىّ ، و أحلامي لم تُرد أن تكون وحدها المُشرقة فقُضيَ عليها أيضا ! كيف لأحلامي أن تعيش و روح مالكتها قد قُتلت ، لا يهم فقد أصبحت مُعتادة على هذا و أصبح روتيناً لا مفر منه لسبب لا أعلمه ، شجاعتي أيضا قتلت ، و ثقتي ذهبت ، لم أعد استطيع المقاومة حتى أصبحت أتمنى أن أختفي بدلاً من ان أنتظر عودتي أو أنتظر أحداً يجذبُني مِن قاع الظُلمة ، لم أعد أستطيع أن أحلم أو أنتظر معجزة ، فأنا صرتُ أسبح في بحر عميق من آلامي و هن يغرقينني بكلماتهن الحادة التي كالقروش لا ترحم أبداً تفتك في سبيل راحتها .
كل يوم كنت أحلم بأحدٍ يحميني ولكني حلمت بحلمٍ مختلف لقد كان حُلماً جميلاً و دافئاً ، حلمت أنني سعيدة و أبتسم دائماً ، أمشي واثقة ورأسي مرفوع ولا أخاف أحداً كم كان حُلماً جميلاً تلمست شخصيتي الحقيقية فيه و بأن روحي تتألق و أني أعلم حقاً ما أُريدُه من حياتي ، و شعرتُ بأني من الممكن أن أستعيد حياتي ، أستيقظت و قد مر بخاطري ما كانت أُمي تقوله لي لماذا أسمتني (إلينا) ، كانت تقول دائما أني مصدر بهجتها منذ أن وقعت عينها عليّ و أني استطيع أن أجلب السعادة للعالم و أدفئ قلوبهم كالشمس لهذا اختارت لي هذا الاسم لأنه يُشبهني ، و الآن أنا لا اعلم ما الذي كان يمنعني طوال هذه الفترة من التصرف على سجيتي ، و أخاف من رأي الأخرين عني و كيف ينظرون لي ، لقد شعرت بمدى سخافتي و حماقتي ،ثم عاهدت نفسي على عدم تحطيمها ثانية و تقبلها كما هي ، ألا اهتم بما يُقال عني وأن أنظُر فقط لحُلمي ، فليس كل ما يُقال حقيقية .
قررت الذهاب اليوم و رأسي مرفوعة ، و سأنظر في عيونهم بثقة لأني لم أفعل شيئا يستحق كل هذا ....
نعم ف فأنا حقاً لست فتاةً سيئة ، حتى و إن تعرضت للمزيد من التنمر لا يهم ف على أي حال الوضع سيان .
و هذا ما فعلته ، استعدت رباطة جأشي و تقدمت بما بقى لي من كبريائي لم أعتقد أن الامر سنجح لم اكن مؤمنة بما سأفعله .
في البداية تلقيتُ أكبر قدر من السخرية و قالوا لي من انا لكي أمشي بثقة هكذا ! ف أنا نكرة و ليس لي أي أهمية ، إن متُ ف سيكون أفضل للعالم و لا أحد سيكترث على أي حال ، لم أسلم من عيونهن ولا من كلماتهن ، كدت أبكي مجدداا و أن أهدم قراراتي ، و لكني ذكرت نفسي ب عهدي ، ثم تجاهلتهم و مشيت مرفوعة الراس و تجاهلت بقدر ما يمكنني سخريتهم المستمرة ، و لكن مهلاً أليس لكل أنسان الحق بالعيش ف كل شخص على وجه الارض مميز و له قدرة هو وحدة من يستطيع إستخدامها . ليس لهم الحق بقول هذا ، 
سأصبح أقوى و سأثبت لهم أن كل شخص يستحق الحياة ، ف لقد أدركت أن السبيل الوحيد لفعل هذا هو بجعل روحي مُشعةً وأثق بنفسي مهما رفضني من حولي مراراً و تكراراً ، على أي حال أنا لن أستسلم الآن سأكمل ما بدأته و لن أكون جبانة و ليحدث ما يحدث.
لم أشعر أن الوضع يمكن أن يهدأ لم أشعر للحظة أن ما أفعلُه قد ينقذُني لكن بعد حوالي أسبوع أو أكثر سئمُوا مني لأنهم لم يعودوا يرون عيوني المنكسرة و البائسة و بمرور الوقت تخلصت منهم للابد ! لقد حدث ما كنت أظنه مستحيلاً و بدون مساعدة أحد و استطعت إيقافهم بنفسي !
كم كرهتهم حقاً ولا أزال لأنهم جبناء يخرجون غضبهم على أشخاصٍ ليس لهم ذنب ، لكن انا ممتنة لهم لجعلي اصبح أقوى لكي لا أسمح لأحدٍ مُجدداً أن يفعل بي ما يُريد ، أنا لم أحزن أبداً على ما هذه الفترة لأنها كانت أحلكهم سواداً و لكن كلما زادت الظلمة كلما زاد بريقك.
حياتي لم تُصبح نعيماً كما أردت ف لم تحدثُني ولا فتاة ولم أكون صداقات ولكن لا يهم على الاقل توقف الآخرون عن التحدث عني بكلمات لم تُمثلُني يوماً ، و لكني كنت أتمنى أن يقف بصفي أحد و يُشعرني أني واحدة منهن ، فقد كنت مجرد غريبة وسطهن .





Comments

Popular posts from this blog

تعلم الأنجليزيه في مليون خطوه (عنوان مضلل)

Labeled

روتين... بقلم يمنى فتحي