جيل بلا هويه

انا من مواليد التسعينات بالتحديد مواليد عام 1993, و كما لاحظت في بعض أبناء جيلي – و يمكن إحتساب بعض أبناء الجيل السابق لنا – أن هنالك سمة عامة بينهم, و هي غياب الهدف العام في الحياة. أي يمكن القول أن فينا الكثير ممن يسعون للتفوق و يراعوا مستقبلهم بالتأكيد لكن إذا نظرنا لقاعدة الهرم فإن عين الملاحظ سترى تلك السمة العامة التي ذكرتها جيداً.
لا أعلم إن كانت الظروف السياسية في بلدنا خلال فترة ترعرنا صغاراً لها يد في ذلك أم ان الظروف القاسية من الناحية الإقتصادية هي من خلق ذلك فينا. أياً ما تكون تلك الأسباب إلا أنني سوف أعتبر أن التربية هي العامل المباشر في تحويل جيل من الشباب – ذو وعي في نواحي مختلفة – إلى ألالات لا ترى أمامها سوى التقدم الدراسي و كفى.
لا تسيئوا الظن هنا فالتقدم الدراسي مهم جداً بالطبع لكن الدراسة هي وسيلة و ليست غاية في حد ذاتها, حتى و إن كانت لزيادة الثقافة أو الوعي للشخص الدارس لكن فيما يبدو أن الأمر يختلف هنا في مجتمعنا الحبيب.
اود أن اضرب مثلاً شهير هنا و هو كيفية تعامل الأباء مع أبناءهم في مرحلة الطفولة أو بتعبير أدق في بدايات مراحل التعليم لدى الطفل, فنرى الأم – غالباً و دائماً الام – تضع الطفل المسكين تحت ضغط غير مقصود في صورة أنه يجب أن يكون متفوق أكثر من طفل أخر و في الغالب يكون أحد الأقارب أو ابن أحد ما من دائرة معارف الأسرة, فهنا رسخت فكرة التنافس – و هو شئ رائع – و لكن تبقى الفكرة تلك موجودة في وعي هذا الطفل و تلازمه, حتى و أن كبر عن هذا الفكر و تمرد عليه فيما بعد لكن النقطة هنا أن السعي وراء التفوق الدراسي كما وضحت أعلاه هنا يكون لمجرد التفوق ليس لبناء مهارات الطفل أو معرفة إنتماءاته و السعي وراءها.
إذا سألت شاباً في العشرين من عمره ماذا تريد أن تصبح بعد التخرج لا تجد إجابة واضحة, لكن الاغلبية قد تكون إجابتهم هي إيجاد وظيفة مناسبة ذات راتب عالي حتى يستطيع أن يتزوج و يكفل اسرته أو ستجد الإجابة المنتشرة كثيراً في وقتنا هذا و هي السفر, حتى و إن تعمقت الأسئلة في ماذا بعد السفر لن تجد إجابة من الأساس.
نحن جيل ذو وعي, لكن ليس بالضرورة ذو ثقافة.
لدينا رغبة في الحياة, رغبة في التغيير من حال قائم منذ عقود لكن ليس لدينا الرؤية لتحقيق مثل هذا التغيير, لقد تربينا على ذلك و تعودنا عليه. ليست لدينا الرغبة, و حتى أن أصبحت لدينا لن تجد الفكر الناضج ذو بعد نظر.
تربينا على فكرة أن التعليم هو اداة للحصول على وظيفة, و في خضم حصولنا على التعليم تحولنا لتروس تدور في ألة المجتمع و حين إنتهاء فترة التأهيل المسماه بالتعليم أصبحنا تأهين لا نعلم ماذا نفعل بأنفسنا فلا منا وجدنا وظائف – نرى ذلك واضحاً في الأجيال الأسبق على وجه الخصوص – ولا منا أكتشفنا ذاتنا فأصبحنا جيل بلا هوية, مثلنا مثل من سبقونا.
و هنا أعيب على التربية التي جعلت منا تروس عوضاً عن مساعدتنا في إكتشاف ذاتنا, و أعيب على نظام التعليم الذي حرمنا من ممارسة ابسط حقوقنا و هي الحلم, أن نحلم بأن نكون من نريد أن نكون و نجد من يشجع هذا الحلم و تحويل لهدف, و أعيب اكثر على المجتمع الجاهل, و الجهل هنا ليس جهل أمية بل جهل في التعامل فثقافتنا تنتهي عند إنتهاء أول مرحلة في مراحل تعذيب قدراتنا و التي تنتهي بتنسيق الثانوية العامة و ما فيه من ظلم بين يوضح غباء و سوء المنظومة التي أدُخلنا فيها بدون رغبة و ما تلى بعدها من مراحل و أيضاً إذا وجب اللوم فيجب ليس على قلة بل على إنعدام الثقافة, و هنا أود أن أطرح سؤال بسيط ... ما نسبة المثقفين بين الشباب اليوم؟
الإجابة أبسط و هي ليست بالنسبة الكبيرة للأسف.


Comments

Popular posts from this blog

تعلم الأنجليزيه في مليون خطوه (عنوان مضلل)

Labeled

روتين... بقلم يمنى فتحي